تعتبر مدينة الرياض من أقدم المدن المعمورة في بلاد الجزيرة العربية إذ كان قيامها على أنقاض مدينة "حجر" التي كانت قاعدة لإقليم اليمامة وقصبة لها في العصر الجاهلي والإسلامي. وتعتبر قبيلتا "طسم" و"جديس" أولى القبائل التي سكنت هذه البقعة نظراً لخصوبة أرضها ووفرة مياهها. وهاتان القبيلتان من العرب البائدة الذين لم تبق لهم باقية بعد ذلك إذ كان هلاكهم على يد ملك اليمن في ذلك الزمان، في قصة مشهورة ومعروفة في كتب التاريخ. بعد هلاك قبيلتي "طسم" و"حديس" سكنت قبيلة بنو حنيفة بن لجيم هذه البلدة واستقرت بها. ويعتبر أول من سكنها من بني حنيفة هو عبيد بن ثعلبه بن يربوع الحنفي كما ذكر ذلك المؤرخون ثم توافدت بعد ذلك عليه قبيلته وبنو عمومته حيث استقروا في بلاد اليمامة وانتشروا فيها. وقد أصبحت مدينة "حجر" في أيام سكنى بني حنيفة فيها من أشره البلدان في الجزيرة العربية إذ كانت مقر الولاة وسوقاً تجارياً كبيراً من أسواق العرب المعروفة يتواردون عليها للبيع والشراء. وقد استمر ذلك في العصر الجاهلي وفي عصر صدر الإسلام. ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كانت بلاد اليمامة والتي عاصمتها "حجر" تحت ملك هوذة بن علي السحيمي الحنفي والذي كان يعرف بـ"ذو التاج" فكتب إليه النبي صلى الله عليه وسلم كتاباً يدعوه فيه إلى الإسلام كما كتب إلى الملوك غير. لكنه لم يستجب لدين الله عز وجل فدعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم فلم يلبث هوذة إلا قليلاً حتى توفي. ثم بعد ظهور الإسلام وانتشاره خاصة بعد فتح مكة دخلت قبيلة بنو حنيفة في الإسلام كسائر قبائل العرب واستمروا على إسلامهم حتى قبيل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم حيث بدأ ظهور مسيلمة الكذاب وادعائه النبوة فتبعه بعض قومه من بني حنيفة فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم قوي أمره وكثر جيشه واتباعه، فكان أولى أمر فعله الخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه هو محاربة المرتدين وخاصة بنوا حنيفة وكبيرهم مسيلمة الكذاب إذ كانوا أهل قوة ومنعة وكانت بلادهم وخاصة مدينة "حجر" من أمنع البلاد وأشدها تحصيناً فأرسل إليهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه الجيوش تلو الجيوش واستمرت الحروب العظيمة بين الطرفين حتى انتهت بقتل مسيلمة الكذاب وظهور المسلمين عليهم وذلك بعد وقعة "عقرباء" بجوار بلدة "الجبيلة" بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه.
والذي دعاني إلى ذكر هذه المعلومات التاريخية إنما هو الدلالة على اتساع مدينة "حجر" وشهرتها وكثرة من سكنها وشدة تحصينها إذ إن المسلمين لم يستطيعوا اقتحامها ودخولها إلا بعد مقتل مسيلمة كما مر آنفاً.
استمرت مدينة "حجر" قاعدة لإقليم اليمامة في عهود الخلفاء الراشدين ثم في عهد بني أمية. ولما تسلم بنوا لعباس مقاليد الخلافة أصبحت الخلافة بعيدة عن العرب وعن بلادهم فأصبح أمر هذه البلاد مهملاً وأصبحت مغمورة لا يعنى بها المؤرخون. ثم حصل بعد ذلك أن استولى "الأخضريون" على بلاد اليمامة وبنوا الأخيضر هؤلاء أسرة رافضية قدمت من الحجاز واستولت على اليمامة.
يقول الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله- وفي سنة 253هـ استولى محمد الأخيضر على اليمامة واتخذ "الخضرمة" قاعدة لملكه . وتداول الحكم بنوه منذ ذلك العهد إلى منتصف القرن الخامس، كما يفهم من كلام الهمداني والمسعودي في "مروج الذهب" وابن حزم، وناصر خسرو. وعلى هذا فإن شمس مدينة "حجر" بدأت بالأفول منذ منتصف القرن الثالث رويداً رويدا، حتى زالت من الوجود بحلول مدينة "الرياض" محلها بعد عشرة قرون على وجه التقريب".
استمرت شهرة مدينة "حجر" في الضعف والانحسار ولم تعد لها مكانتها المعهودة من قبل إلى القرن العاشر الهجري تقريباً، حيث ظهرت بلدتي "مقرن" و"معكال" متجاورتين يتنافسان الشهرة والسيادة، وتقوم بينهم الحروب الكثيرة في سبيل ذلك، ويدل على ذلك قول الشاعر الشعبي.
ياما حلى والشمس بادٍ شعقها ضرب الهنادي بين "مقرن" و "معكال
وقد توارد على إمارة بلد "مقرن" فيما مضى العديد من العوائل المشهورة منهم أسرة آل عساكر في عام 1015هـ، ثم أل ناصر سنة 1033هـ، ثم آل مديرس سنة 1037هـ، ثم آل مهنا سنة 1056هـ، ثم آل زرعه سنة 1099هـ والذين استمر حكمهم لهذه البلدة حتى تمكن دهام بن دواس آل شعلان من الاستيلاء على الحكم والاستمرار فيه، حتى الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود ودخولهم الرياض والاستيلاء عليها قدوم آل سعود وعلى رأسهم بعد حروب طويلة استمرت أكثر من ثلاثين عاما بين دهام بن دواس أمير الرياض وبين الدولة السعودية الأولى.
فتبين مما مضى أن مدينة "مقرن" و "معكال" وأن هاتان البلدتان قامتا على أنقاض مدينة "حجر اليمامة" التي كان لها تاريخ مشهور وماض معروف في العصر الجاهلي والقرون الأولى من الحكم الإسلامي .
قال الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله- "وفي القرن الثاني عشر أطلق اسم الرياض على ما بقي من المحلات القديمة من مدينة "حجر": "معكال" و "مقرن" و "العود" وغيرها، وما حولها من الأرض الواسعة التي كانت في القديم بساتين وحدائق، تتخلل مدينة حجر، وتطيق بها، الرياض الحديثة قامت على أنقاض بلدتي فغمرت ثم صارت مجمعاً للسيول إبان نزول الأمطار، تجود بمختلف النباتات في زمن الربيع، ولهذا صارت تدعى "الرياض.
منقول
ومن يملك اضافة فلايبخل علينا
ا
مادري لـيـش ماعلمونا هذا كله بالمدرسه
المهم انتظروني بتاريخ مدن السعوديه الباقيه