غريب امر البعض من الناس ، أولئك الذين يظنون بأن التسامح والعفو عن الغير هو ضعف منهم ، او خوف من المواجهة في عدم القدرة على استعراض العضلات المفتولة .
هذا العالم المجنون بكل ما فيه من تقدم وتطور ، اللا ان هناك الكثير من بني البشر لا يجيدون لغة الصفح والعفو عن الآخرين ، يظنون بأن من يسئ اليهم او يتعدى على جزء تافه من حقوقهم او ربما ليست بحقوقهم ، هو انسان غبي ولا يستحق سوى الجزاء ، وأي جزاء !!! - ذلك العقاب الغير محترم الذي يتفنن البعض في ممارسته وصنعه واستعراضه على من هو أقل منه في الجانب الجسدي او العقلي .
يشعر البعض بالحقارة والتقزم ، عندما يسمع كلمة هنا او هناك ، او فعل طائش من بعض الافراد باليد او اللسان ، يكاد لا يهدأ روعه ولا يسكن غضبه المصطنع اللا اذا اخذ بالثأر وانتقم لذاته التي لا تعرف لغة الاحترام ولا لغة الشفقة .
" نحن قوم نجهل معنى العفو والصفح والتسامح إلى ابعد الحدود والآفاق ، نحن قوم لا تهدأ أمواج غضبنا العاتية اللا اذا تسببنا في مشكلة كبيرة تتفرع منها مشاكل ومشاكل لا تحل ولو لسنين عدة " .
الحديث في هذا الموضوع واسع جداً ، ومتشعب في حيثياته وجوانبه ، فلو علمنا حتماً ما هو التسامح لكّنا اول السباقين لأن نكون من أهله وعشيرته المحترمة ولّكنا افضل الناس حلماً ورأفة بمن حولنا .
كنت بالأمس متوقفاً في عند احدى الاشارات الضوئية منتظراً المسار واذا بشابين مراهقين يحاولان التسلل بين السيارات رغم الضيق والازدحام الذي يضج به الشارع ، اللا انهم رغم ذلك كانا يحاولان الوصول للأمام ولو على حساب التقدم على الآخرين ، لم يكن هناك مجالاً لعبورهم وكان عليهم ان يقفا وينتظرا كما الاخرين ، اللا انني تعجبت كثيراً عندما فتحوا النافذه وقاموا بعمل فعل وقح ودنيئ ، اثارني كثيراً ، رغم أنني كنت أسير في سبحانيتي كما الآخرين .
تعجبت كثيراً من فعلهم الغير لائق ، ولولا لطف الله وحلمي وتسامحي لكنت أجن في ذلك اليوم ولكنت أشعلت حرباً ظروس وشرسة ، اللا أنني تعّودت من الشيطان وكأنني لم أرى ما رأيت وما فعلوا من حركة وسباب غير محترم .
غريب امر البعض من المراهقين وحتى كبار السن ، أتعجب منهم كيف يعيشون بهذا الذوق وهذا الاستهتار المزري ، الذي يفقد أعصاب الاخرين في كثير من الاحيان .
ظللت أضرب اخماساً بأسداس ، وأصبحت في بحر من التفكير والهواجس لذلك الموقف المنحط والمشين .
نحن في عصر أغرب من الخيال ، نحن في هذا الواقع المرير لا ندري ماذا نفعل عندما نواجه اناساً حمقى وبهذه الصفات الدنيئة ، التي تجوب الشوارع ليلاً ونهاراً من أجل ايذاء خلق الله بلا كلل او هوادة .
ولكن يبقى في النهاية ان العفو عند المقدرة هو ذلك السلاح الذي يحمله المؤمن عندما يواجه مواقفاً صعبة وبهذا الصورة اللا محترمة